19.74°القدس
19.28°رام الله
18.86°الخليل
20.36°غزة
19.74° القدس
رام الله19.28°
الخليل18.86°
غزة20.36°
الأربعاء 08 مايو 2024
4.63جنيه إسترليني
5.22دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.98يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.63
دينار أردني5.22
جنيه مصري0.08
يورو3.98
دولار أمريكي3.7

فلسطين.. التاريخ يعيد نفسه

900
900
إبراهيم أبو جابر

تمرّ القضيّة الفلسطينيّة في هذه المدة بوضع يشبه ما عاشه الفلسطينيون في العشرينيات (1921-1929م)، مرحلة تجميد أعمال مقاومة المد الصهيوني، على مستوى الهجرة، والاستيطان والاستيلاء على الأراضي، وقبول وعود الإنجليز العرقوبية للقيادة العربية التقليدية، خاصة في الجزيرة العربية.

اليوم يعيد التاريخ نفسه؛ فالفلسطينيون يعيشون مرحلة الوهم _إن جاز التعبير_ وهْم اتفاق (أوسلو) المشؤوم الذي وأده الاحتلال منذ حين، وجاء نقمة على رؤوس الفلسطينيين، إذ جعلهم يعيشون على أمل الحصول على دولة فلسطينية مستقلة، ثم كبّل تحركاتهم من ناحية أخرى باتفاقات مقيّدة لهم وملزمة، تصب جميعها في مصلحة الاحتلال.

إن الأحداث الراهنة وما سبقها أيضًا من ممارسات الاحتلال ومواقف الفلسطينيين الرسمية منها أكبر دليل على إفلاس الطرف الفلسطيني، وقصوره الواضح في إدارة الأزمة، وتمسكه بأهداب اتفاق (أوسلو) المشؤوم المنتهي أصلًا.

لقد بلغت ممارسات الاحتلال في القدس والأقصى والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م (الضفة الغربية وقطاع غزة) درجة لا يمكن السكوت عنها بحال من الأحوال، إلا أن المستوى الفلسطيني الرسمي لا يزال يفضّل تحريك الأنظمة العربية البالية، والمجتمع الدولي الرسمي، والرأي العام العالمي، للضغط على الاحتلال لوقف ممارساته العنصرية والإجرامية في الأقصى والقدس، في حين يتردّد كثيرًا في تحريك الشارع الفلسطيني، متمسّكًا باتفاقات أصبحت من مخلفات الماضي، بل مادة أرشيفية لا غير.

إن المراقب ليحار في توصيف الحالة الفلسطينية الحالية المتردية، فمع كل ممارسات الاحتلال لا يزال الفلسطينيون يراهنون على المفاوضات، وما يسمى المسيرة السلمية، حتى إن تهديدات المستوى الرسمي الفلسطيني الأخيرة يبدو أنها ذهبت أدراج الرياح، بعد استعداد الفلسطينيين للعودة إلى طاولة المفاوضات، بحسب تصريحات لبعض وسائل الإعلام.

وحري بالمرء أن يسأل: ما جدوى هذه المفاوضات؟، وكيف يجرّب الفلسطينيون ما جُرّب مرات ومرات؟، ولماذا العودة إلى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة؟، وما الذي تبقى في الضفة الغربية أصلًا للتفاوض عليه؟
صحيح أن الطرف الفلسطيني هو الحلقة الأضعف في المعادلة، لكنه يملك أوراقًا مختلفة للمناورة، في ظل وضع عربي وإقليمي متدهور جدًّا، ومنشغل بقضاياه الداخلية التي أضعفت الموقف الفلسطيني أكثر، إضافة إلى حالة الانقسام الفلسطيني البغيض، والقطيعة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، والحصار المفروض على القطاع إسرائيليًّا وعربيًّا.

يملك الفلسطينيون القدرة على المناورة على أكثر من محور، خاصة على المستوى المحلي، لكن الأمر في حاجة إلى إرادة سياسية، بعيدًا عن لغة الطمأنات التي استخدمها الإنجليز في عشرينيات القرن الماضي في تعاملهم مع القيادة التقليدية الفلسطينية، وما نتج عنها من ضياع لفلسطين؛ فالسياسة الفلسطينية الرسمية اليوم إن استمرت على هذا المنوال فستؤدي _لا محالة_ إلى ضياع ما تبقى من أراضي الضفة الغربية، وفرض الاحتلال سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين، وفرض القانون المدني الإسرائيلي على هذه الأراضي (أي ضمها)، تمامًا مثلما فعلت مع هضبة الجولان السورية المحتلة.

التاريخ يعيد نفسه؛ فها نحن اليوم نعيش ما عاشه أهلنا وشعبنا في عشرينيات القرن الماضي، فهل سيصحو الفلسطينيون أخيرًا من غفوتهم؟